روائع مختارة | واحة الأسرة | نساء مؤمنات | عبقرية.. أم معبد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > نساء مؤمنات > عبقرية.. أم معبد


  عبقرية.. أم معبد
     عدد مرات المشاهدة: 4019        عدد مرات الإرسال: 1

مر رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبو بكر في طريقهما يوم أن هاجر إلى المدينة بخيمة أم سعيد الخزاعية.

وكانت امرأة قوية الأخلاق، عفيفة تقابل الرجال و تتحدث معهم، وكانت سنة عجافا فلم تجد ما تعطيه للركب الكريم.

و هي لا تعرف الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من معه فلما رأى الرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة في ركن الخيمة سألها ما هذه؟ (يا أم معبد ما هذه الشاه)؟.

قالت خلفها التعب من الغنم، قال (أتأذنين أن أحلبها) قالت نعم، فسمى الله ومسح ضرعها و قال (اللهم بارك لها شاتها).

فامتلأ ضرع الشاة و امتلأ الإناء، فسقى أم معبد حتى رويت، و سقى أصحابه حتى رووا، "أبوبكر و عامر بن فهيرة و عبد الله بن أريقط"،ثم شرب و قال: (ساقي القوم آخرهم).

ثم حلب لها مرة أخرى وترك الإناء مليئاَ.فلما غادروا وحضر زوجها بأعنز عجاف، تعجب.

وقال من أين لكم هذا ولا حلوبة في هذا البيت فقاالت: لقد مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت قال والله إني لآراه صاحب قريش الذي يطلب.

صفيه لي يا أم معبد، فقالت:

"رأيت رجلًا ظاهر الوضاءة، مبتلج (مشرق) الوجه حسن، الخلق، لم تعبه ثجلة (ضخامة البطن) ولم تزر به صعلة (لم يشنه صغر الرأس).

وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف (طويل شعر الأجفان)، وفي صوته صحل (رخيم الصوت)، أحور أكحل أزج أقرن، شديد سواد الشعر، في عنقه سطح (ارتفاع وطول).

وفي لحيته كثافة، إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، وكأن منطقة خرزات نظم يتحدرن، حلو المنطق فصل لا نذر ولا هذر (لاعي فيه ولا ثرثرة في كلامه).

أجهر الناس وأجملهم من بعيد، وأحلاهم وأحسنهم من قريب، ربعة (وسط مابين الطول والقصر) لا تشنؤه (تبغضه) من طول.

ولا تقتحمه عين (تحتقره) من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرًا، وأحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفون به.

إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود (يسرع أصحابه في طاعته)، محشود (يحتشد الناس حوله) لا عابث ولا مفنذ (غير مخزف في الكلام).

قال: أبو معبد هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره، ولو كنت وافقته يا أم معبد لتلمست أن أصحبه.

ولا أريد تعليقاَ مني على كلام أم معبد، حيث تجلت عبقريتها في أن نقلت لنا وصفاَ دقيقاَ لحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلمز

وكأنها تحمل كاميرا مصورة بلغت في تقنيتها أعلى درجة بل زادت عليها ألفاظاَ خلابة وأسلوباَ بليغاَ.

هلا علمنا وأولادنا، وبناتنا لغتنا الجميلة، حتى يتذوقها الواحد منهم فيحب لغته، وبالتالي يحفظ كتاب الله عز وجل.

ولعلها همسة في أذن الرجال، هل رأينا من بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يسقيه؟ إنما بدأ بأم معبد لأنها الجانب الأضعف.. وبمن ختم السقاية إنما تواضعاَ منه، كان أخرهم شراباَ.

هلا درسنا سنته وتتبعنا أدبه وسمو خلقه ومعاملاته.

صلى الإلـه ومن يحف بعرشه... والطيبون على المبارك أحمد.

جزى الله رب الناس خير جزائه... رفيقين حلا خيمتي أم معبد.

هما نزلا بالبر وارتحلا به... فأفلح من أمسى رفيق محمد.

فيا لقصي ما زوى الله عنكمو... به من فخار، لا يحاذى وسؤدد.

وقد غادرت وهنا لديها بحالب... يرد بها في مصدر ثم مورد.

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها... فإنكموا إن تسألوا الشاة تشهد.

دعاها بشاة حائل فتحلبت... له بصريح ضرع الشاة مزيد.

لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم... وقدس من يسري إليه ويقتدي.

ترحل عن قوم، فزالت عقولهم... وحل على قوم بنور مجدد.

هداهم به - بعد الضلالة - ربهم... وأرشدهم من يتبع الحق يرشد.

وقد نزلت منه على أهل يثرب... ركاب هدى، حلت عليهم بأسعد نبي.

يرى ما لا يرى الناس حوله... ويتلو كتاب الله في كل مشهد.

وإن قال في يوم مقالة غائب... فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد.

ليهن أبا بكر سعادة جده... بصحبته من يسعد الله يسعد.

ويهن بني كعب مكان فتاتهم... ويقعدها للمؤمنين بمرصد.

الكاتب: د. عمر عبد الكافي

المصدر: موقع د. عمر عبد الكافي